كيف تموت الديمقراطيات؟ ولماذا يُعتبر وصول ترامب إلى سدّة الحكم دليلًا على احتضار الديمقراطية الأمريكية. لمحة سريعة حول كتاب How Democracies Die

نُشر يوم 15 نوفمبر 2019 بواسطة يوغرطة بن علي (Youghourta Benali)


يُعتبر كتاب “كيف تموت الديمقراطيات” How Democracies Die دراسة تاريخية لموت عدّة ديمقراطيات في العصر الحديث، مع محاولة استنباط مجموعة من الخصائص المُشتركة فيما بينها، إضافة إلى محاولة استخراج جملة من الخصائص التي تُميّز القادة الذين تموت الديمقراطيات على أيديهم (أو بسببهم).

قد يكون التالي أهم ما في الكتاب:

كيف تعرف بأن هذا المرشح أو ذلك هو ديماغوجي وأنه مرشح أن يُهدد مستقبل الديمقراطية:

هناك عدة دلائل إن اجتمع أكثر منها في نفس الشخص فإن هناك احتمالًا كبيرًا أن يكون وصوله إلى سدّة الحكم خطرًا على البلد وعلى نظام الحكم الديمقراطي فيه:

ولمن تابع الساحة السياسية الأمريكية خلال السنوات القليلة الماضية يُدرك بأن جميع هذه الأوصاف تنطبق على دونالد ترامب.

عودة على الأعراف السياسية أو القوانين غير المكتوبة التي حافظت على الديمقراطية الأمريكية على مر القرن ونصف القرن. ركّز الكتاب على عرفين اثنين ساهما بشكل فعال في الحفاظ على النظام الأمريكي من الانهيار ويتعلق الأمر على وجه التحديد بـ:

“التحامل المُتبادل” Mutual Toleration والمقصود به أن كل “حركة سياسية” أمريكية تقر بحق باقي الحركات (أحزاب وغيرها) في الوجود. بعبارة أخرى، لا يعتبر السياسي أتباع الحزب الآخر مثلًا بأنهم أعداء أو خونة، بل مجرد أصحاب رأي مُختلف يحبون البلد، ويحترمون القانون مثلهم تمامًا.

“التحفظ المؤسساتي” Institutional Restraint والمقصود به أن مُختلف مؤسسات الدولة لا تمارس كامل صلاحياتها ولا تطبق كامل القوانين التي يُخوّل لها القانون تطبيقها وهذا لتجنب التصادم المباشر مع باقي مؤسسات الدولة. وأحد الأمثلة على ذلك هو عدم مُعارضة مجلس الشيوخ للتعيينات التي يقوم بها الرئيس (مثل مثال قضاة المحكمة العليا آنف الذكر).

خصص الكاتب جزءًا مُعتبرًا من الكتاب في دراسة الديمقراطية الأمريكية بشكل عام وكيفية وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم بشكل خاص، وبيّن بأن هذا الأخير يتوافق مع جميع خصائص القائد الديماغوجي كما سبق تفصيله، وكيف أن وصوله إلى سدّة الحكم ليس دليلا على بداية انهيار الديمقراطية الأمريكية بقدر ما هو دليل على تسارع وتيرة هذا الانهيار. يشير الكتاب إلى أن أكبر خطر يواجه الديمقراطية الأمريكية ليس ترامب في حد ذاته وإنما للعدد الكبير من الأعراف التي كسرها والتي يُحتمل أن ينحو من سيأتي بعده على منحاه.

يشير الكتاب إلى أنه لا يزال هناك متّسع من الوقت لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه من الديمقراطية الأمريكية، رغم أنه لم يتم تقديم أية حلول عملية لذلك، مما يوحي بأن الأمر أقرب ما يكون للتمني wishful thinking.

لحظة كتابة هذه السطور أتذكّر كتاب “من يحكم العالم” لنعوم تشومسكي، حيث كتبت التالي في مقدمة “مراجعتي” للكتاب:

من بين “الخلاصات” التي خرجت بها بعد الفراغ من الكتاب (رغم أنها ليست بالضرورة ما يهدف الكتاب إلى إيصاله) هو أن الحزب الجمهوري في أمريكًا قد يكون المُحرّك الرئيسي لهلاك العالم الذي نحيا فيه، إن لم يكن بالسلاح النووي الذي يُمكن أن يُستعمل إن وصل مرشّح جمهوري مثل دونالد ترامب إلى سدّة الحُكم، فبالاحتباس الحراري الذي يُنكر وجوده كل مرشّحي الحزب في الانتخابات الحالية. سبب ذلك –حسب الكتاب– هو “وقوع” الحزب في فخ تيار المال الذي يتحكم فيه ويديره حسب مصالحه.

لكن على ما يبدو فإن هناك مرحلة بينية قبل الوصول إلى ذلك ويبدو بأن القضاء على الديمقراطيات الحديثة سيكون على أجندة الحزب الجمهوري أيضًا.