لمحة سريعة حول السيرة الذاتية لإدوارد سنودن Permanent Record

نُشر يوم 6 أكتوبر 2019 بواسطة يوغرطة بن علي (Youghourta Benali)


قبل أن أخوض فيما استخلصته من الكتاب، أود أن أشير إلى أن الأسلوب الذي كُتب به هذا الكتاب أخّاذ. لو لم تكن مُعظم تفاصيل قصّته معروفة من قبل لقلت أنه “ألّف” أغلب ما في الكتاب تأليفًا نظرًا لتناسق الأفكار والأحداث الواردة فيه وسردها بشكل أقرب ما يكون للرواية منه للسيرة الذاتية. قراءة الكتاب مُمتعة جدًا.

الكتاب يسرد فيه إدوارد سنودن Edward Snowden قصّته من وجهة نظره، وليس فقط من الجانب الرسمي الذي لطالما سمعنا عنه الكثير. الكتاب مقسّم إلى 3 أقسام تستعرض حياة الكاتب منذ طفولته إلى غاية وصوله إلى موسكو مرورًا بمُختلف الوظائف التي مرّ عليها وكيف اكتشافه لبرامج التجسس التي تستخدمها أمريكا وكشف تلك الأسرار لمجموعة مختارة من الصحفيين.

إن لم يسبق لك متابعة قصّة سنودن، فهي باختصار شديد كالتالي: الولايات المتحدة الأمريكية تتجسّس على الجميع (دون استثناء) ولديها تفاصيل ما يقوم به الجميع على الإنترنت أو خارجه، وذلك إما عبر حصولها على البيانات من مُختلف الشركات الأمريكية التي توفر خدماتها للعموم (سواء تعاونوا معها أو أنها حصلت على البيانات دون إذنها) أو عبر شركات الاتصال مُباشرة. الأمر ربما كان في نظر الكثيرين مجرد “أسطورة” يرددها أصحاب “نظرية المؤامرة” لكن بعد المعلومات التي أفصح عنها سنودن تبيّن بأنها حقيقة. حقيقة لا تقتصر على التجسس على “غير الأمريكيين” فقط بل حتى على الأمريكيين أنفسهم وحلفاء أمريكا بما فيهم قادة دول كالمستشارة الألمانية ميركل.

إن سبق لك مُتابعة قضية سنودن من قبل فلربما لن تحصل على أية معلومات إضافية كثيرة من خلال هذا الكتاب، لكن ستستفيد من التعرف على المراحل الحرجة التي مر بها الكاتب خلال ما قام به، كيف أنه اختار أن يُصبح “خارج القانون” في نظر بلده لأنه رأى بأن ولاءه يجب أن يكون لبلده ولشعبه وليس لمن يحكم البلد أو يتحدث باسم شعبه.

ما يثير الانتباه في كامل قصّة سنودن هو أن “اتباع الحق” أو “القيام بما هو صواب مهما كانت العواقب” هو شعار يرفعه الكثيرون لكن قلّة قليلة فقط تنفّذه، ويظهر بشكل واضح وجلي سبب ذلك، فالعملية ليست بسيطة، والشكوك والمخاطر تحيط بصاحب القرار من كل حدب وصوب، كما أن الثمن الذي يُدفع مقابل ذلك عادة ما يكون باهظَا.

معلومة قد تكون ثانوية، لكن في رأيي تكشف الكثير، وهو أن صديقة سنودن التي أصبحت زوجته لاحقًا، صُوّرت في الإعلام على أنها كانت “راقصة” (أو راقصة ملاهي) stripper  وهو ما يبدو أنه كان مُتعمّدًا لمحاولة تلطيخ صورة سنودن حتى ولو كان الأمر عبر تلطيخ صور أقربائه لم تكن لديهم أدنى مساهمة فيما قام به “المتهم الرئيسي”، في حين أنه لم يكن لديها أي رابط بهذه المهنة لا من قريب ولا من بعيد.

لفت انتباهي أيضا التالي:

الكتاب مُمتع ومفيد (من الزاوية آنفة الذكر) قد ترغب في الاطلاع عليه إن كنت تهتم بالخصوصية على النت وبالتشفير أو التقنية بشكل عام.