التحررية المقيّدة أو كيف تدفع الأغلبية لاتخاذ قرارات صائبة، لمحة سريعة حول كتاب Nudge: Improving Decisions About Health, Wealth, and Happiness

نُشر يوم 5 ديسمبر 2018 بواسطة يوغرطة بن علي (Youghourta Benali)


كتاب في مجال **الاقتصاد السلوكي **behavioral economics يتحدث حول مفهوم **التحررية المقيّدة **libertarian paternalism. مبدأ libertarian paternalism والذي يُمكن أن نُترجمه كـ “التحررية المقيّدة” يبدو من ظاهره على أنه “تناقض ظاهري” Oxymoron لكنه في الحقيقة مبدأ عملي فعّال.

المقصود بـ التحررية المّقيّدة هنا هو أنه لدى بناء أي نظام فإنه يجب علينا أولا أن نعطي للجميع حرّية الاختيار (ومنه جانب “التحرر” libertarianism في هذه الفكرة)، لكن يجب أن نجعل تلك الحرية مُقيّدة بشكل يسمح لمن ليست لديه أدنى فكرة (أو العامة إن صح التعبير) باختيار خيار لا يضر به، بل ويوفر له مستوى مُعيّن من الفائدة (ومنه جانب التقييد paternalism).

يُطلق الكاتب على المسؤول على تحديد هذه الخيارات اسم “مُهندس الخيارات” choice architect.

لتوضيح الفكرة إليك المثال التالي: لنفرض أنك المسؤول على مطعم مؤسسة تعليمية ولكل طالب حرية شراء الوجبة التي يرغب فيها. تشير التجربة إلى أن الطريقة التي تُرتب عليها الأطباق/المأكولات تؤثر بشكل كبير على جودة الوجبة التي يأكلها كل طالب، فقد توزّع الأطباق بشكل مُعيّن “يدفع” nudge أغلب الطلبة لاختيار أطباق صحّية وقد توزّع بشكل آخر وستحصل الأغلبية على أطباق غير صحّية. دور مهندس الخيارات هنا هو اختيار أفضل توزيع/ترتيب مُمكن للأكل بحيث يُصبح الخيار القياسي صحّيّا بالضرورة، مع السماح لمن يرغب في اختيار أكل غير صحّي بالقيام بذلك.

بعبارة أخرى “الدفع” nudge هنا تنص على جعل الخيار القياسي default choice في صالح المُستخدم البسيط (العامة) والسماح للمستخدم المتقدم باختيار ما يراه أنسب.

قد يقول قائل ولماذا أحتاج أصلا أن أختار ما يجب للمستخدم/المستهلك القيام به، سأقوم بجعل الأمور عشوائية قدر المُستطاع وليختر كل واحد ما يريد. الإشكال هنا هو اختيار “العشوائية” هو قرار في حد ذاته. بعبارة أخرى لا يُمكننا (أو “لمهندس الخيارات” بشكل أساسي) أن لا يقوم بأي اختيار.

الكتاب يضرب أمثلة عديدة، ربما لن تهمّ غير الأمريكيين/المقيمين في الغرب كثيرًا.

كتاب خيّب ظنّي كثيرًا من حيث أنه احتوى فكرة واحدة أساسية والكثير الكثير من الأمثلة والحشو الذي لا طائل منه. يعني مقال واحد كان كفيلًا بتلخيص الفكرة الأساسية، ولم أواصل قراءة الكتاب إلى آخره سوى لشهرة الكاتب، ولإعجابي بكتاب آخر كتبه حول نفس الموضوع (الاقتصاد السلوكي behavioral economics).

هل أنصح بقراءة الكتاب؟ إن كنت مهتما بالأمثلة العملية لهذا المبدأ فقد ترغب في قراءة الكتاب. أما لو كنت مهتمًا بالفكرة في حد ذاتها فقد تغنيك المقالات التي تستعرضها فقط. أما إن لم يسبق لك القراءة في مجال الاقتصاد السلوكي فهذا الكتاب لا يجب أن يكون أول ما تقرأه حول هذا الموضوع.