لمحة سريعة حول كتاب Why we sleep "لماذا ننام"، أهم كتاب ستقرأه هذا العام

نُشر يوم 26 جويلية 2018 بواسطة يوغرطة بن علي (Youghourta Benali)


كتاب مُخيف جدًا. يُمكن تلخيصه في التالي: النوم ضروري جدًا، أكثر مما كنت تتصوّر، الأمر مُثبت علميًا، ما لم تأخذ النّوم على محمل الجد فإن حياتك وحيوات من حولك في خطر. توقف وأعد النظر في ساعات نومك فالأمر جلل ويحتاج منك كامل تركيزك.

لو قرأت في يوم من الأيام خبرًا عن اكتشاف/اختراع دواء جديد، دواء يُمكن وصفه بالمُعجزة، دواء يُطيل حياتك ويُقوّي ذاكرتك، ويجعلك أجمل في عيون الناظرين، يجعلك تُحافظ على رشاقتك، وتتحكّم في شهيّتك بشكل أفضل، يقيك شر السرطان وفقدان الذاكرة، ويحميك من الزكام والرشح، يقلل احتمال تعرّضك لنوبات قلبية وللجلطات الدماغية، ويجعل بينك وبين داء السّكري حاجزًا، يجعلك أسعد ويُبعد عنك الكآبة، وفوق كل هذا فإن جميع هذه المزايا مُثبتة علميًا بتجارب لا تترك أي مجال للشّك، فهل كنت لتشتريه؟ ماذا لو قرأت أيضا أن عدم استهلاك هذا الدواء كفيل بضمان نقيض كل ما سبق ذكره، ربما قد تُقرّر تخصيص نصف مُرتّبك الشهري لشراء هذا الدواء نظرًا لما سيُقدّمه لك. هل تعلم بأن هذا الدواء السحري في مُتناول يدك وبشكل مجاني؟ كل ما عليك القيام به هو أن تأخذ نومك على محمل الجد، أن تنام ما بين 7 إلى 9 ساعات كل ليلة، وأن تتّخذ بعض التدابير لتحظى بنوم جيّد كل ليلة.

سمعنا كثيرًا أن الأعمدة الثلاثة الأساسية لصحة الإنسان هي: النوم، الحمية الغذائية والرياضية. يذهب الكاتب إلى أبعد من ذلك، حيث يقول بأن النوم هو القاعدة الصلبة التي من دونها لن تفيدك الحمية ولا الرياضة.

الكاتب هو ماثيو والكر بروفيسور علم الأعصاب في جامعة بيركلي، يعتمد في هذا الكتاب بشكل أساسي على الأبحاث التي قام بها هو نفسه أو مجموعة من المُختصّين في “علم النوم” والذي حقّق تقدّما كبيرًا خلال العقدين الماضيين.

ينقسم الكتاب إلى 4 أقسام، خُصّص القسم الأول منه للتعريف بماهية النوم وأنواعه، التاريخ البيولوجي/التطوري للنوم (هل تنام الحيوانات أيضا وكيف، متى ظهر النوم وما إلى ذلك)، إضافة إلى تغير طبيعة نوم الإنسان عبر مُختلف مراحل حياته. القسم الثاني (وربما هو القسم الأكثر إثارة وتخويفا) يُجيب على سؤال “لماذا يجب علينا أن ننام” ويستعرض عواقب عدم حصولك على ما يكفي من النوم كل ليلة، قبل أن يُعرّج بك في القسم الثالث إلى عالم الأحلام، للإجابة على سؤال كيف نحلم ولماذا، وهل تلعب الأحلام دورًا مُهمّا في دورة حياة المعلومات في عقولنا، أم أنه مجرد أمر جانبي. قبل أن يختم الكتاب بفصل حول عواقب الاستهتار بالنوم على مُستوى المُجتمعات (وليس الأفراد فقط). أما إن كنت تبحث عن نصائح لنوم صحّي أكثر، فستجد ضالتك في مُلحق آخر الكتاب حول أساسيات النوم الصحي.

مجموعة من الأفكار المُهمة (في نظري) والتي وردت في الكتاب:

يجب أيضا تجنب المنبهات (على الأقل 8 ساعات قبل النوم) والمسكرات والوجبات الثقيلة وإن كنت ممن يحبّون القيلولة فلا تنم بعد الثالثة ظهرا. كما يُنصح بالتّعرض على قدر كافٍ من أشعّة الشمس خلال النهار. أما إن هجرك النوم فاترك مكانك وقم بأمر ما مُفيد حتى تشعر بالنعاس من جديد.

الكتاب مُهمّ جدًا. يمكنني حتى أن أجزم بأنه أفضل كتاب ستقرأه هذا العام. أنصح بالجميع بقراءته وبنشر ثقافة النوم السليم.

الأمر الوحيد الذي ينقص هذا الكتاب وهو إعطاء نصائح لمن هم في حالات لا يُمكنهم فيها النوم بشكل جيّد، مثل من يعمل ليلًا أو للآباء الجُدد، أو حتى لمن يُعاني من نوم سيء ما بين الحين والآخر. ربما الأمر مقصود لأنه وبكل بساطة -كما أشار إليه الكاتب أكثر من مرة في الكتاب- لا يُمكن تعويض أي نقص في النوم، وربما لأن علِم النوم لا يزال في بداياته، وربما سنتكشف لاحقًا وسائل لتعويض النوم الضائع ولتصحيح المشاكل الناتجة عن ذلك.

إن لم يكن بإمكانك قراءة الكتاب في الوقت الراهن، فقد تفيدك هذه المُحاضرة التي ألقاها الكاتب: