لمحة سريعة حول كتاب Dollars and Sense: How We Misthink Money and How to Spend Smarter
نُشر يوم 4 ماي 2018 بواسطة يوغرطة بن علي (Youghourta Benali)
كتاب يتحدث عن علاقتنا بالمال، كيف نُنفق مالنا، كيف نفكّر في إنفاق المال وكيف أننا نُنفق مالنا -في غالب الأحوال- بشكل خاطئ لأننا نقع في بعض الأخطاء المُتوقعة بشكل دائم، وكيف يُمكن الحدّ من ذلك.
الكتاب يُعالج موضوع “الاقتصاد السلوكي” والذي يُعتبر كاتبه دان آريلي Dan Ariely أحد أشهر الباحثين والناشرين فيه. الكتاب مُفيد بشكل عام، إلّا أنني أحسست بنوع من التكرار فيه، ربما لأنه ليس الكتاب الأول الذي أقرأه لنفس الكاتب أو في هذا المجال. رغم ذلك فهو تذكير جيّد بمُختلف المفاهيم والأفكار التي سبق وأن صادفتها خلال قراءاتي السّابقة في الاقتصاد السلوكي، رغم أنها تركّز هذه المرّة بشكل أساسي حول أخطائنا المُتعلّقة بإنفاق المال.
من بين النقاط الأساسية التي ركّز عليها الكتاب:
*
نغفل عن “تكلفة الفرصة البديلة” opportunity costs: المقصود بذلك هو أنه لدى لقيامنا بأية عملية شراء فإننا نفكّر فيها من حيث قيمة العملية المالية (كم سأدفع مُقابل ذلك) وهو ما يجعل من معرفة القيمة الحقيقية للمُنتج في غاية الصّعوبة. أحد الحلول المُقترحة لهذا الإشكال هو التفكير في “ما الذي ستتخلى عنه للحصول على هذا المُنتج”، قد يكون ذلك مُنتجًا آخر، أو رحلة كنت تُخطّط لها لمّدة، كما يُمكن تقدير الأمر بـ “عدد الساعات/الأيام/الأشهر التي يجب عليك أن تعمل فيها لتصبح قادرًا على الدّفع مُقابل تلك السلعة”
*
النّسبية ومشاكلها: لما تشتري مُنتجًا معروضًا بسعر 100 دولار وبخصم حصري قيمته 40 بالمئة، فلا يجب أن تنظر إلى الأمر على أنّك ستوفّر 40 دولارًا، بل يجب أن تنظر إلى الأمر على أنّك ستدفع 60 دولارًا (لا تُلقِ بالًا للنّسب المئوية فهدفها تضليلك). إضافة إلى ذلك لما تقوم بعملية شراء كبيرة، كشراء سيارة مثلًا بقيمة 10 آلاف دولار فإن شراء جهاز راديو خاص معها مهما ارتفع سعره (100 دولار مثلًا)، سيبدو رخيصًا في نظرك، لأنّك تنظر إلى الأمر على أنه عملية شراء واحدة (السيارة +الراديو المُرفق)، وستنظر إلى أن سعر جهاز الراديو الإضافي هذا ما هو سوى 1 بالمئة من سعر السيّارة الكلي، مما سيدفعك إلى التقليل من شأنه. في حين أنه لو فكّرت في عملية الشراء هذه بشكل مُنفصل فإنّك ستنتبه إلى أنك سـ"تخسر” 100 دولار إضافي. نفس الأمر يتعلق بالمُعاملات والخدمات المالية التي تكلّف نسبة من قيمة المبلغ الإجمالي، انظر إلى القيمة النهائية التي ستدفعها وليست إلى النّسبة المطلوبة.
*
تقسيم المصاريف إلى أصناف compartmentalization: في حين أن عملية تقسيم المصاريف إلى مجموعة أصناف مُفيد في أغلب الحالات، كأن تقول بأنني سأخصص ميزانية 25 دولار شهرية للترفيه، و 30 أخرى للكتب وما إلى ذلك، فإن هذه الطريقة قد تجعلك تُنفق أكثر مما يجب لأنك تنظر إلى كل صنف/قسم على أن له ميزانية مُستقلة بذاتها، فعلى سبيل المثال قد تشتري فنجان قهوة بـ 4 دولار لما تكون في إجازتك السنوية أو لما تكون في فندق لأنك تنظر إلى الأمر على أنه مأخوذ من “ميزانية الإجازة” في حين أن دفع نفس المبلغ في “الحياة اليومية” مُقابل فنجان قهوة (مهما بلغت فخامة المكان التي سترتشف قهوتك فيه) هو لون من ألوان التبذير. الحل هنا هو أن تنظر إلى الأمر على أنه مأخوذ من ميزانيتك الكلّيّة وليس من الميزانيات الجزئية.
*
ألم الإنفاق: كلما كانت عملية الدّفع أسهل كلما كنا عرضة للإنفاق أكثر. وعليه تجنّب “الدفع بنقرة واحدة” قدر المُستطاع وتجنّب الدّفع بالبطاقات الائتمانية كلما استطعت إلى ذلك سبيلًا، واعمل جاهدًا على أن تحس بـ"ألم الإنفاق” كل مرة ترغب في شراء مُنتج ما.
*
نثق في أنفسنا وفي قراراتنا السّابقة كثيرًا: إن سبق لك أن دفعت 4 دولار مقابل فنجان قهوة أكثر من مرّة في السّابق فهذا لا يعني بأن هذا هو السّعر الحقيقي لفنجان القهوة. دفعك لمبلغ مُعيّن مقابل خدمة/سلعة ما في السّابق ليس دليلًا على أن ما ستدفعه لاحقًا هو السعر الأنسب.
*
نولي اهتمامًا بالغًا للجهد المبذول: تخيّل أنك خرجت من باب منزلك ونسيت المفاتيح في الداخل ولا يوجد أي أحد في المنزل ليفتح لك الباب، تخيّل أنّك اتّصلت بخبير أقفال وفتح لك الباب في ظرف دقيقتين وطلب 100 دولار مقابل ذلك، هل كنت لتشعر بأن السّعر مُناسب، رغم أن تلك السّرعة هي نتيجة سنوات طويلة من الخبرة؟ تخيل الآن نفس السيناريو السابق لكنك اتصلت بخبير أقفال آخر، وبدل من أن يُمضي دقيقتين لفتح الباب، سيمضي أزيد من ساعة ونصف السّاعة في المُحاولة، رغم أنه تسبب في إلحاق ضرر في قفل الباب فمن المُرجّح جدًا بأنّك ستشعر بأن السّعر الذي طلبه (100 دولار) هو سعر مُناسب، لأنّك شاهدت بأم عينيك مقدار الجُهد الذي بذله. كما ترى فإننا أبعد ما نكون من الواقعية وسنشعر بالرضى لدى دفع مبلغ مُرتفع لخبير أقفال غير مُحترف لأنه بذل جهدًا ووقتًا بدل أن ندفع نفس المُبلغ لخبير آخر أكثر احترافية. قد يكون للأمر تأثير سلبي أيضًا، فقد تقع في فخ أحدهم يُبرز أدقّ تفاصيل عمله رغم عدم أهمّيتها فقط ليُشعرك بمقدار الجهد المبذول في ذلك، وليجعلك تشعر بالرضى لما تدفع السّعر المُرتفع الذي سيطلبه منك.
*
الأوصاف والطّقوس قد تغيّر من تقديرنا للسلع والمُنتجات: إن رافق المُنتج الذي تشتريه وصف يشرح مزاياه بشكل دقيق أو أنه يتطلب طريقة مُعيّنة (طقوسًا) في كيفية استخدامه/استهلاكه فإننا سنعطي قيمة أكبر لذلك المُنتج بالرغم من أن تلك الأوصاف/الطقوس لا تؤثّر بشكل مُباشر على نوعية المُنتج أو على النتيجة المرجوة منه. سبق وأن كتبت حول الموضوع هنا: هل نحتاج إلى خداع أنفسنا؟: قراءة في كتاب All Marketers Are Liars
*
نعطي الأسعار قيمة مُبالغًا فيها: لدى مُحاولتنا لمعرفة قيمة مُنتج أو خدمة أو لدى المُقارنة ما بين أكثر مُنتج أو خدمة فإننا نُحاول أن نقارن الميزات التي يُمكن مُقارنتها، ولما تكون المُقارنة أمرًا صعبًا (منتجين من طبعتين مُختلفتين) فإننا نلجأ إلى ما تسهل مُقارنته: السعر. وهو ما يجعلنا نركز على الخاصية الأقل أهمية “كم سأدفع مقابل هذا المُنتج” بدل الخاصية الأهم “ما الذي سأحصل عليه لما أشتري هذا المُنتج”
الكتاب -كما سبق وأن ذكرت- مُفيد في مجمله، إن لم تكن لديك أية خلفية عن الاقتصاد السلوكي فقد يكون مدخلًا جيّدا لها. قد ترغب في الاّطلاع على الكتابين التّاليين لنفس الكاتب إن أردت أن تعرف المزيد حول خبايا علم الاقتصاد السلوكي:
* Predictably Irrational
* The Honest Truth About Dishonesty