Google I/O ، WWDC ومُستقبل الهواتف الذكية
نُشر يوم 7 جويلية 2014 بواسطة يوغرطة بن علي (Youghourta Benali)
مرت 7 سنوات مُنذ الإعلان عن أول جيل من هواتف iPhone. إعلان كان له وقع كبير على سوق الهواتف، بل وتسبب في إحداث تغييرات في عالمي التقنية والإنترنت أيضا. لم يكن أول جيل من هواتف iPhone سوى MVP (مُنتج أولي بسيط لقياس مدى صحة النظريات التي بُني عليها المُنتج)، ولم يكن الجيل الأول من هواتف Android وخاصة هاتف HTC G1 أفضل حالا، وهو ما دفع كل طرف إلى قضاء السنوات السبع الماضية في إضافة الخصائص التي احتاجها من حيث العتاد أو من حيث التطبيقات ونظام التشغيل.
بالرغم من أن إضافة الخصائص الجديدة لم يكن بنفس الترتيب على نظامي iOS وandroid نظرا للاختلاف في الفرضيات التي بُني عليها كل مُنتج، إلا أن النتيجة النهائية كانت مُتشابهة إلى حد كبير، خاصة ما تعلق منها بتجربة المُستخدم. رغم ذلك تبقى هناك اختلافات في آلية التفاعل مع كلا النظامين، أضف إلى ذلك أن هناك خصائص تظهر في أحد النظامين قبل الآخر. لكن الاستخدام القاعدي لكلا النظامين أصبح مُتماثلا جدا، خاصة وأنه تقليص الفوارق والاختلافات الموجودة ما بين النظامين.
حسب Steven Sinofsky فإن كل مُنتج تقني جديد يمر بعدة مراحل، حيث تشرع أولا جميع الأطراف المُتنافسة بالقيام بنفس الشيء تقريبا بحكم أن الخواص التي يحتاجها المُستخدم واضحة وجلية، إضافة إلى كونها خواصًا لا تميز أي مُنتج بشكل كبير عن مُنافسيه. قد يعمل كل طرف على هذه الخواص الجديدة بترتيب مُختلف عن باقي الأطراف إلا أن قائمة هذه الخواص تُعتبر مُشتركة إلى حد كبير. وبُمجرد أن يتم توفير كل هذه الخصائص القاعدية حتى تبدأ المُنتجات في التباعد والتمايز عن بعضها البعض.
هذا ما يحصل حاليا ما بين Google وApple وهذا ما بدأ يظهر جليا في مؤتمري WWDC و Google I/O هذا العام. نهاية مرحلة الخواص القاعدية (والتي امتدت طيلة 7 سنوات) وبداية عهد جديد في تاريخ الهواتف الذكية يسعى فيه كل طرف إلى تأكيد نفسه. ومثلما سبق وأن أشار إليه Jean-Louis Gassée فإن iOS8 سيكون iOS2.0 الفعلي.
دار مُؤتمر WWDC هذا العام حول فكرة أن الحوسبة السحابية هي مصدر قوة للتطبيقات الغنية على أجهزة Apple، في حين أن** الجزء الأهم من مؤتمر Google I/O كان حول تضييق الفجوة الموجودة ما بين التطبيقات ومواقع الويب**. في الإصدارات القادمة من Android ستظهر الصفحات التي تستعرضها على مُتصفح Chrome مع التطبيقات في قائمة التطبيقات الأحدث استخداما جنبا إلى جنب، وسُيصبح بإمكان مُحرك البحث أن يُحيلك إلى مُحتويات مُباشرة داخل التطبيقات نفسها، كما أنه **سيُصبح بإمكان أجهزة Chromebook أن تُشغل تطبيقات Android**. جهود Google الحالية ستجعل من مقارنة الويب بالتطبيقات (app versus web) جزءا من الماضي، حيث أنه سيتم التعامل مع كل المُحتويات أيا كان مصدرها كالمُحتويات التي ألفناها على الويب، أي أنها ستكون قابلة للبحث فيها والربط إليها.
في المُقابل، تسير Apple في الاتجاه المُعاكس، حيث يهدف نظام iOS 8 إلى القضاء على أية أسباب تجعلك تلجأ إلى استخدام الويب بدل التطبيقات، وذلك عبر تمكين التطبيقات من قوة الحوسبة السحابية. أما مُلحقات التطبيقات extensions فستُعمق الفجوة الموجودة ما بين التطبيقات ومواقع الويب بدل تضييقها، حيث ستسمح هذه المُلحقات للتطبيقات بالتخاطب فيما بينها، وبالتالي تمكين كل تطبيق من الوصول إلى سحابة غيره من دون المرور عبر الويب التقليدي.
على عكس الاختلافات التي كانت موجودة ما بين المنصتين من قبل، والتي كانت بشكل عام تتعلق بطريقة الاستخدام وليس بالنتائج المرجوة، فإن الاختلافات الحالية والتي ستتعمق مع مرور الوقت ستخص الآليات التي نقوم بإنجاز أعمالنا على كل منصة، وكيف أن هذه الاختلافات سيكون لها تأثير حتى على مفهوم القيام بأمر ما على منصة بدل الأخرى، حيث أن آلية استخدام كل منصة ستكون مُختلفة. يُمكن تلخيص نهج Apple في رغبتها في توفير” سحابة غبية” تسمح باستغلال تطبيقات غنية، في حين أن منهج Google يسعى إلى تحويل الأجهزة إلى “زجاج غبي” يُكون نافذة للخدمات السحابية. هذا الأمر من شأنه أن يُقدم تجربتي استخدام مُختلفتين، وسينتج عنه نقاش أعقد داخل الشركات حول نوعية الخدمات التي يُمكن لها أن تُقدمه على كل منصّة وحول كيفية ترتيب أولوياتها على هذه المنصات. كما أنه من شأنه أن يُغير نظرتها حول التحول الحاصل من الحوسبة التقليدية إلى الحوسبة السحابية، حيث أن مفهوم هذا التحول سيتغير أيضا بسبب ذلك.
هذا الاختلاف والتباعد الذي سيحصل ما بين المنصتين سيرهن مُستقبل أمرين مُهمين تم الإعلان عنهما مؤخرا، ويتعلق الأمر بهاتف Fire Phone الذي أعلنت عنه Amazon و إعلانات فيس بوك في مؤتمر F8 المُتعلقة بالربط ما بين التطبيقات app linking.
ما تُحاول فيس بوك القيام به هو بناء نظام لربط التطبيقات مع الويب بعضها ببعض وخاصة مع مشروع deep linking. المشكل يكمن في أن جهود فيس بوك أشبه ما تكون بمحاولة بناء نظام للصرف الصحي لمبنى لا يزال قيد التشييد ولا نعرف الشكل النهائي الذي سيكون عليه. بناء أدوات للربط ما بين التطبيقات والويب في مرحلة لا تزال فيها Apple وGoogle تغييران فيها تعريف هذه المفهومين (التطبيقات والويب) هو أمر في غاية الصعوبة. أما فيما يخص Amazon فإنها ستواجه مشاكل أكبر. أغلب ما سيُميز Android في إصداراته القادمه كنظام تشغيل سيأتي من خدمات Google المُغلقة التي لا تُعتبر جزءا من مشروع AOSP مفتوح المصدر والتي لا يُمكن الوصول إليها من خلال هذا المشروع. وبالتالي فإنه يتوجب على Amazon -إن هي رغبت في مواصلة الاستفادة بشكل مجاني من بيئة وتطبيقات Android- أن تبذل المزيد من الوقت والجهد لاستبدال واجهات Android البرمجية الخاصة بـ Google التي تقوم التطبيقات التي ترغب فيها على نظامها في استخدامها، وهذا إذا فرضنا جدلا بأنه في مقدور Amazon القيام بذلك. الأهم من ذلك هو أن مشروع AOSP لم يعد كالسابق ولم يعد يُهدد مصالح Google، والاعتماد عليه بدل نسخة Google من نظام Android هو أشبه بالاعتماد على نُسخة مُعدلة من نظام DOS قُبيل الكشف عن الإصدار 3.1 من Windows. أسئلة مُختلفة تطرح نفسها حاليا من قبيل: هل سنقوم بتشغيل تطبيقاتAndroid داخل sandbox تعمل على نظام Chrome OS في ظرف 5 سنوات؟ كيف سيكون عليه الحال مع نسخة Amazon من نظام Android مُستقبلا؟
ترجمة – وبتصرف- للمقال: The next phase of smartphones