نتائج تويتر المالية: أرقام مُقلقة أم مُستقبل مُشرق؟

نُشر يوم 8 فيفري 2014 بواسطة يوغرطة بن علي (Youghourta Benali)


كشفت تويتر بحر هذا الأسبوع عن نتائجها المالية للربع الأخير من العام المُنصرم، سببت هذه النتائج قلقا للمُستثمرين وللمُحللين ونتج عنها تراجع في سعر سهم تويتر، تراجع وصل إلى حدود 25% منذ يومين رغم أن مثل هذه النتائج كانت مُتوقعة جدا مُنذ أن طرحت شبكة التدوين المُصغر أسهمها للاكتتاب العام شهر نوفمبر المُنصرم.

twitter-stock

الأرقام

بدل أن نخوض في تفاصيل كامل الأرقام التي كشفت عنها تويتر دعونا نُركز على أهمها:

  * 

نسبة المُستخدمين النشطين لا تزال بعيدة كل البعد عن نسبة 50%:

قبل أن نُحاول فهم معنى هذه النسبة يجب أن نتوقف أولا عند تعريف تويتر للمُستخدم النشط. بداية ما تأخذه تويتر بالحسبان هو الحساب وليس المُستخدم في حد ذاته. فعلى عكس ما هو عليه الحال مع فيس بوك مثلا فإنه لا يتم التفريق ما بين حسابات الأفراد (شخص مادي) والمؤسسات (شخص معنوي)، وكما هو معلوم فإن إدارة حسابات الأشخاص المعنويين تتم من طرف أشخاص ماديين لديهم حساباتهم الشخصية (يعني وكأننا نجمع عدد الملفات الشخصية وعدد صفحات فيس بوك لاحتساب عدد المُستخدمين الكُليين لفيس بوك). النقطة الثانية التي يجب أخذها بالحسبان هو مفهوم “النشاط” على تويتر، حيث تعتبر تويتر أي حساب تم تسجيل الدخول إليه مرة واحدة في الشهر كحساب نشط سواء قام صاحب الحساب بالتغريد أو لم يقم. هذا المُشكل في تعريف الحسابات النشطة ليس بالجديد، حيث أنه عادة ما يتم التعبير عن حجم نشاط تويتر بعدد الحسابات التي تم تسجيلها على الشبكة في مُحاولة لتجنب الحديث عن الحسابات النشطة (اقرأ أيضا: هل يمكن أن نصدق كل الإحصائيات المنشورة حول الشبكات الاجتماعية ؟)

حسب هذا التعريف فإنه يوجد حاليا 241 مليون حساب نشط على تويتر، وهو ما يُمثل زيادة لا تتجاوز 9% مُقارنة بالفصل الذي يسبقه.

  * 

المُستخدم البسيط لا يُغرد:

بالرغم من أن تويتر يعرف تغطية إعلامية مُتزايدة على مر السنوات القليلة الماضية، وبالرغم من الاهتمام المُتزايد الذي يوليه مُستخدمو شبكة الإنترنت له، إلا أن الأغلبية الساحقة منهم لا يُسجلون حضورا عليه. وبالرغم مما تُروج له بعض المصادر وبعض التحليلات إلا أنه من المُستبعد جدا أن تُصبح تويتر شبكة اجتماعية يقصدها الجميع، حيث أن الحضور القوي لفيس بوك وربما حتى المُدونات قد تُؤخر من نُمو عدد مُستخدمي تويتر. الأدهى والأمر هو حالة الجمود التي يعرفها استخدام تويتر ونمو قاعدة مُستخدميه في السوق الأمريكية، إحدى الأسواق الأكثر أهمية له.

  * 

لا وجود لأية أرباح طيلة السنوات السبعة الماضية:

بالرغم من الدخول الناجح لتويتر إلى البورصة إلا أنها لا تزال شركة لا تُحقق أية أرباح وهذا منذ تأسيسها، بل وخسائرها في تزايد مُستمر.

المزيد من الأسئلة المُحيرة…

إلى جانب هذه الأرقام المُقلقة، هناك عدة أسئلة تطرحها الأسواق المالية والمحللون بخصوص مُستقبل تويتر:

  * 

Vine: نجاح غير مُكتمل أم مُنتج في طريقه نحو الفشل؟

استطاعت Vine أن تُطلق موضة الفيديوهات المُصغرة أو ما يُطلق عليه اسم microvlogging مثلما نجحت تويتر (الشركة الأم) في إطلاق مفهوم التدوين المُصغر microblogging، ولقد أثبتت تويتر من جديد قُدرتها على تصيد الفُرص الجديدة بشرائها لهذه الشركة. إلا أن المُشكل يكمن في سهولة استنساخ موضة الفيديوهات المُصغرة وهذا بالتحديد ما قامت به Instagram (المملوكة لفيس بوك) وهو أمر يبدو بأنه لعب دورا مُهما في تعطيل تطور Vine ونُمو قاعدة مُستخدميه. تملك Vine قاعدة مُستخدمين تُقدر بنحو 45 مليون مُستخدم. قد يبدو هذا الرقم كبيرا، إلا أن المُشكل يكمن في أن الخدمة استطاعت تحقيق الملايين الأربعين الأولى لها بحلول شهر أغسطس 2013، مما يعني بأن نمو عدد مُستخدميها عرف تراجعا مُعتبرا، في حين لا يزال Instagram يُسجل نُموا مُتواصلا.

  * 

التلفزيون الاجتماعي (Social television)

ما نقصده بالتلفزيون الاجتماعي هو استخدام البرامج التلفزيونية للشبكات الاجتماعية للتواصل مع مُشاهديها عبر تخصيص وسم Hashtag لكل برنامج أو حصة تلفزيونية. كان بالإمكان أن نجزم خلال العام الماضي بأن تويتر قد حسمت الأمر لصالحها ولم تترك المجال لأية منافسة مُمكنة في مجال التليفزيون الاجتماعي، حيث شهدنا استخداما حقيقيا له من طرف مُنتجي البرامج التليفزيونية ومُشاهديها على حد سواء. إلا أن فيس بوك رأت غير ذلك، وقررت أن لا أن تترك تويتر وحيدة في هذا المجال وعقدت العزم على منافستها، حيث استطاعت أن تُسجل حضورا قويا لها أيضا في هذا المجال وهو ما يعني بأنها استطاعت أن تسترجع جزءا ليس باليسير من سوق كان ملكا لتويتر. هذا الأمر راجع بشكل أساسي إلى عدم قُدرة تويتر على تسريع خطاها في هذا المجال في الوقت المُناسب وتوفير آليات وخدمات جديدة لمُنتجي تلك البرامج لإيقاف زحف فيس بوك.

ماذا عن نقاط القوة؟

لو اقتصر تحليل وضع تويتر على النقاط آنفة الذكر لحق لنا أن نجزم بأن حال تويتر يسير من سيء إلى أسوأ، إلا أن تحليلنا سيكون منقوصا من عدة عوامل ونقاط يجب أن لا نغفلها إن نحن أردنا تكوين صورة كاملة وواضحة حول مُستقبل الشبكة الاجتماعية، فلا تزال في جُعبة تويتر عدة نقاط قُوة بإمكانها أن تحقق لها انطلاقة جديدة وقوية.

  * 

استخدام أولي على الهواتف الذكية

إن كانت فيس بوك تُحاول جاهدة أن تقنع الجميع بأنها تحولت إلى خدمة تستهدف الهواتف الذكية بشكل أساسي mobile company فالحال مع تويتر مُختلف بحكم أنها كانت تستهدف الهواتف الذكية منذ انطلاقتها، حيث أنها استطاعت أن تستغل الانتشار الواسع للهواتف الذكية لاستقطاب عدد كبير من المُستخدمين. بفضل نسبة 76% من مُستخدميها الذين يستخدمون منصتها عبر الهواتف الذكية بشكل رئيسي، استطاعت تويتر أن تجعل من نفسها جزءًا أساسيا من آلية استخدام حاملي الهواتف الذكية لهواتفهم، وهو أمر سيتم استغلاله من دون شك في تطوير عروض الإعلانات الخاصة بالشبكة والتي أعطت إلى غاية الساعة نتائج طيبة. تُمثل الهواتف الذكية 75% من مداخيل الإعلانات (التي قفزت لتصل إلى 220 مليون دولار) مُقابل 65% خلال 2012.

  * 

نمو مُستمر لمداخيل الإعلانات

  * [![income-advertising-twitter-q4-2013](https://socialmedia4arab.com/wp-content/uploads/2014/02/income-advertising-twitter-q4-2013.png)

](https://socialmedia4arab.com/wp-content/uploads/2014/02/income-advertising-twitter-q4-2013.png)

بالرغم من أن الهدف الأساسي لتويتر هو بناء قاعدة مُستخدمين كبيرة وزيادة نسبة المُستخدمين النشطين، إلا أنها استطاعت تسجيل تقدم كبير فيما يخص التربح من هذه القاعدة. سجلت تويتر مداخيل إعلانات قُدرت بنحو 220 مليون دولار خلال الفصل الأخير من العام الماضي، وهو ما يُمثل نموا قدره 121% خلال عام واحد (نمو يُقارب نسبة 50% مُقارنة بالفصل الثالث من العام الماضي).

  * 

زيادة في مُتوسط المداخيل

تستعمل تويتر معيارًا خاصا بها لمراقبة المداخيل والمتُمثل في المداخيل لكل 1000 مُشاهدة للخط الزمني. مُتوسط المداخيل هذا عرف أيضا نُموا وصل إلى غاية 1.49 دولار لكل 1000 مُشاهدة. تملك تويتر مصدرًا دخل آخر والمُتمثل في التراخيص المُتعلقة ببياناتها والتي تُمثل قرابة 10% من مجموع مداخيل الشركة.

income-advertising-twitter-q4-2013-2

  * 

مُضاعفة رقم الأعمال العام خلال عام واحد فقط

وصل رقم أعمال تويتر إلى 650 مليون دولار، ما يُمثل نموا يُقدّر بنسبة 110% خلال عام واحد.

  * 

إمكانيات مُختلفة غير مُستغلة بشكل كامل

بالرغم من أن تويتر في حاجة ماسة الآن إلى زيادة عدد مُستخدميها وإلى رفع أسعار إعلاناتها إضافة إلى تنويع مصادر دخلها، فإنه يبقى بإمكانها رفع سقف رقم أعمالها إلى مليار دولار بكل سهولة، بحكم أنه لا يزال هناك أمامها الكثير من الطرق للتربح من منصتها التي لم يتم استغلالها بعد (مُقارنة بفيس بوك التي ضاعفت منذ مدة أشكال وأعداد المساحات الإعلانية على شبكتها).

  * 

السير على خُطى فيس بوك والتقليل من وصول التغريدات إلى المُتابعين

بإمكان تويتر أيضا اتباع هذه الطريقة التي تتبعها فيس بوك والتي أسالت الكثير من الحبر مؤخرا. التحكم في آلية وصول المنشورات إلى المتابعين قد يدفع بالمُستخدمين وبالشركات إلى الدفع مُقابل ضمان وصول منشوراتهم إلى مُتابعيهم. من المُتوقع أن تلجأ تويتر إلى هذه “الحيلة” بمُجرد أن تحُل مُعضلة جلب المزيد من المُستخدمين وزيادة نشاطهم على الشبكة.

  * 

الفيديوهات، الدفع والتجارة الإلكترونية

لا تزال أمام تويتر الكثير من الطرق والتجارب التي من شأنها أن تساهم في تطويرها بشكل أفضل، فعلى سبيل المثال يُمكن للشبكة أن تقترح نوعا جديدا من الإعلانات على هيئة فيديو، حيث أنها تقتصر حاليا على أنواع جد محدودة من الإعلانات. بإمكان تويتر أيضا دخول عالم التجارة الإلكترونية. تُشير بعض المصادر إلى محادثات جارية حالية ما بينها وبين منصة الدفع الإلكتروني Stripe، إضافة إلى أنباء حول شراكة مُحتملة مع Fancy الشبيهة بشبكة Pinterest التي تملك خواص مُتعلقة بالتجارة الإلكترونية.

في ظل كل هذه المُعطيات، هل تعتقد بأنه في إمكان تويتر أن تحول خسائرها إلى أرباح؟

ترجمة -وبتصرف- للمقال: Twitter : des résultats inquiétants ?