هل وصلنا إلى مرحلة التشبع على الشبكات الاجتماعية؟
نُشر يوم 11 جانفي 2014 بواسطة يوغرطة بن علي (Youghourta Benali)
كثُر الحديث مُؤخرا عن عزوف الشباب بشكل عام والمراهقين بشكل خاص عن استخدام فيس بوك وعن انتقالهم إلى منصات اجتماعية أخرى وخاصة إلى تلك التي تستهدف حصرًا الهواتف الذكية، أو تلك التي تركز على التفاعلات التي لا تُبقي أثرا كتطبيق Snapchat. كثرةُ المقالات التي كُتبت حول هذا الموضوع تجعلك في حيرة حول حقيقة هذا الأمر. لكن هناك نقطة يجب أن نُشير إليها وهو أن هذا النقاش يهم الأمريكيين بشكل أساسي وخاصة مستثمري فيس بوك الذين يبدون قلقهم حيال مداخيلهم المُستقبلية من الشبكة. لكن فيما يخص باقي بُلدان العالم فإن هذه المسألة ليست بتلك الأهمية لأننا -وبكل بساطة- لا نمتلك أية بيانات دقيقة حول الأمر، حيث أن أغلب الدارسات التي نسمع عنها لا تخص سوى أمريكا الشمالية وقد يتعدى الأمر في أفضل الحالات ليشمل العالم الأنجلوفوني.
لو بحثنا أكثر لوجدنا إحصائيات لا تخص الأماكن آنفة الذكر، مثل تلك الإحصائيات التي تنشرها Ifop والتي تخص استخدام الشبكات الاجتماعية في فرنسا مثلا، والتي تساعدك على فهم سوق المنصات الاجتماعية في فرنسا وقد تساعدك على تكوين صورة عامة إذا ما قُرنت بالإحصائيات الأمريكية. الدراسة التي نشرتها Ifop حملت العنوان “هل وصلنا إلى مرحلة الضجر من الشبكات الاجتماعية؟". ليس من السهل تأكيد أو نفي حالة الضجر المقصودة في هذه الدراسة، لكن من المؤكد أن الساحة أصبحت تعج بالعديد من المنصات الاجتماعية إلى درجة يُمكن وصفها بالزحام الاجتماعي.
هناك نقطتان يجب أخذهما بالحسبان لدى قراءة هذه الدراسة، أولها يتعلق ببيانات الدراسة حيث أنه تم سبر الآراء بشكل إلكتروني (على الإنترنت) وشملت الدراسة 2000 شخص تفوق أعمارهم 18 سنة وذلك خلال شهر نوفمبر 2013. أما النقطة الثانية فهو الخلط الذي تم في هذه الدراسة (والذي يبدو بأن هذه الدراسة لا تتفرد به لوحدها) ما بين الشبكات الاجتماعية والإعلام الاجتماعي/المنصات الاجتماعي بشكل عام، فلا يُمكن اعتبار Youtube شبكة اجتماعية رغم أنه وسيلة إعلام اجتماعي، ونفس الأمر ينطبق على تويتر أو حتى Deezer.
رغم ذلك إلا أن هذه الدراسة تُعطينا صورة واضحة عبر إحصائيات حديثة وغنية حول “السوق الاجتماعي” الفرنسي، إحصائيات يُمكن تلخيصها في التالي:
* من حيث السُمعة لا تزال كل من فيس بوك، تويتر وYoutube في الصدارة، إلا أن منصات أخرى مثيلات Google+، DailyMotion و Deezer سجلت تحسنا ملحوظا.
تحتل فيس بوك الصدارة من حيث الشعبية، حيث يستخدمها 63% من الذين تم سبر آرائهم، كما سجلت Google+ تقدما ملحوظا حيث وصلت نسبة مُستخدميه إلى 32%.
*
فيما يخص تردد المُستخدمين على هذه المنصات الاجتماعية فيحتل فيس بوك الصدارة أيضا، حيث تفوق نسبة المُستخدمين الذي يزورون الشبكة الاجتماعية أكثر من مرة واحدة أسبوعيا نسبة 80%.
*
أما لو قارنا نسبة تردد المُستخدمين على هذه المنصات الاجتماعية بأعداد المُسجلين عليها فإننا سنتمكن من معرفة المنصات الاجتماعية المُتخصصة (niche) والتي تبلي بلاء حسنا، مثلما هو عليه الحال مع Tumblr، Pinterest أو حتى تويتر. يُمكننا بفضل هذه المُقارنة أيضا معرفة المنصات الاجتماعية المهجورة كمنصتي Picasa، Trombi مثلا.
* [![dynamique-rs](https://socialmedia4arab.com/wp-content/uploads/2014/01/dynamique-rs.png)
](https://socialmedia4arab.com/wp-content/uploads/2014/01/dynamique-rs.png) *
وختاما تُشير الدراسة إلى أن 86% من الفرنسيين يستخدمون (أو على الأقل لديهم حسابات) على الأقل على شبكة اجتماعية واحدة (بمعدل 4.5 شبكة اجتماعية لكل مُستخدم).
اعتمادا على هذه الإحصائيات يُمكن على الأقل الجزم بأننا على مشارف مرحلة التشبع على المنصات الاجتماعية، وبوادر ذلك تظهر جلية في طريقة استخدامنا لهذه المنصات الاجتماعية، حيث أشار ما يُقارب من نصف من سُبرت آراؤهم بأنهم يتناقشون وينشرون أقل على المنصات الاجتماعية مُقارنة بأي وقت مضى، ويرجع الأمر حسبهم إلى خشية سرقة أو استغلال البيانات الشخصية (وهي حجة ألفنا سماعها)، ضغط الإعلانات، ضيق الوقت والحاجة إلى تواصل اجتماعي مُباشر (بدل الافتراضي) وهو ما يدفع 40% من المُشاركين في هذه الدراسة إلى الرغبة في إغلاق حساباتهم على هذه المنصات.
هل هي نهاية المنصات الاجتماعية؟ قد لا يبدو الأمر كذلك، لكن يبدو بأن عنصر “الجدة” (يعني كون هذه المنصات الاجتماعية أمرا جديدا يرغب الجميع في تجربته) قد انتهت مُدة صلاحيته، تماما مثلما حدث الأمر سابقا مع المُدونات، ويبدو أن مركز الاهتمام الآن تحول إلى المنصات ذات البُعد البصري مثلما هو عليه الحال مع Instagram و Pinterest لكن من المتوقع أن لا يدوم الأمر طويلا مع هذه المنصات الاجتماعية أيضا، حيث أننا سُنصاب بضجر جديد من كثرة استخدامنا لها وسنبحث عن بدائل عنها. في حقيقة الأمر انتقال بقعة الضوء من منصة اجتماعية إلى أخرى ليس راجعا إلى تخييبها لآمالانا التي علقناها عليها وإنما لتراجع القيمة التي كنا نحصل عليها لدى استخدامنا لها وهذا حسب تغير حاجاتنا ورغباتنا.
بالرغم من أن هذه الدراسة جمعت ما بين أدوات تواصل اجتماعي كـ Skype ومنصات مفتوحة لا تحتاج إلى تسجيل كتويتر وyoutube والمُغلقة بشكل مُحكم كـ LinkedIn، حيث أن الدراسة كان من شأنها أن تُقدم صورة أدق لو تم حصرها فقط على الشبكات الاجتماعية أو أنه تم توسيعها لتشمل كل المنصات الاجتماعية (حتى البريد الإلكتروني ورسائل SMS) والمنصات المُتوفرة حصريا على الهواتف الذكية (SnapChat، WeChat، Kik…) إلا أنها تعطينا صورة لحال استخدام الشبكات الاجتماعية خارج البلدان التي عادة ما تتم فيها مثل هذه الدراسات (أمريكا الشمالية) وهو ما يُمكننا من إضفاء المزيد من الوضوح على آليات استخدامنا لهذه المنصات الاجتماعية.
ترجمة -وبتصرف- للمقال: Le point de saturation des réseaux sociaux est-il atteint ? لصاحبه: Frederic CAVAZZA