ما الذي تخفيه السياسة الجديدة لتويتر التي تضيق الخناق على المطورين؟

نُشر يوم 13 سبتمبر 2012 بواسطة يوغرطة بن علي (Youghourta Benali)


كما هو معلوم فإن نجاح تويتر الحالي بُني على قاعدة كان أساسها المطورون. منذ بداياته الأولى، استطاعت تويتر أن تفرض نفسها كـ “مثال” يُحتذى به في الواجهات البرمجية المفتوحة الموجهة للمطورين وذلك لإغناء “خدمتها القاعدية” بخدمات جديدة. هذه السياسة الأولية كانت تدور حول 3 مراحل:

1.   إغناء تجربة المستخدم: قد تذكرون إن كنتم من أوائل المغردين على شبكة تويتر بأن الخدمة كانت محدودة بشكل كبير مُقارنة بما هو عليها الحال الآن، فعلى سبيل المثال لم يكن هناك وجود للمواضيع الشائعة Trend Topics، إعادة التغريد أو محرك بحث. هذه الخواص والتي تبدو اليوم أساسية كانت نتيجة عمل المطورين (الذين يعتمدون على واجهة تويتر البرمجية)، فعلى سبيل المثال محرك البحث الخاص بتويتر هو نتيجة شراء الشبكة لشركة Summize الناشئة سنة 2008.

2.   الاعتماد على المطورين لإشهار الخدمة: لو نعود لذكريات تويتر القديمة فسنجد بأن هذه الخدمة لم تكن وليدة خطة عمل لشركة ناشئة جديدة كان الشكل الحالي لتويتر في تصورها حينئذ، بل كانت نتيجة إعادة توجيه شركة Evan Williams أحد مؤسسي تويتر والتي كانت تُسمى بـ Odeo. Odeo كانت تعمل على تطبيق خاص بالـ Podcast، لكن وصول iTunes إلى الساحة أفسد للشركة مخططاتها وجهودها. وبما أن خزائن الشركة لم تكن فارغة في ذلك الوقت بعد حصولها على تمويل قُبيل تلك الفترة، تم تكليف Jack Dorsey بإيجاد فكرة للتحول إليها، وبهذه الطريقة نشأت تويتر والتي كانت حينها أداة لنشر “التحديثات” وتشاركها مع الأصدقاء، ولم يكن اسم الخدمة حينها سوى Stat.us قبل أن يتحول إلى TwittR. ولنشر الخدمة والتعريف بها تم الاعتماد على أواسط المطورين للتشهير بها والتعريف بها في الأوساط التقنية والـ Geeks.

3.   الاعتماد على المطورين لبناء خواص الخدمة: المنهج الذي انتهجته تويتر كان يهدف إلى الاعتماد على المطورين لكتابة الخواص الأساسية للخدمة وذلك بسبب قلة الموارد وشح الأفكار لتحويل خدمة تشارك التحديثات إلى خدمة أفضل. في بداياته كانت تويتر أداة “فوضوية”، فكما سبق ذكره، لم تولد أفكار الوسوم Hashtags أو إعادة التغريد من رحم تويتر مباشرة بل كانت نتيجة عمل مطورين آخرين عليها. فعلى سبيل المثال مبدأ عمل الخدمة الأولي والذي كان أقرب ما يكون إلى “الدردشة” جعل مؤسسيها يعتقدون بأن إضافة محرك بحث لها عديم الفائدة. أضف إلى ذلك تحول تويتر إلى وسيلة إعلامية Media مثلما هو عليه الحال الآن لم يكون مخططا له بل نشأ بعد اعتماد الخدمة من طرف مستخدميها كوسيلة لنشر روابط الأخبار والبقاء على اطلاع على جديد ما يُنشر.

كل هذه النقاط تؤكد بأن نجاح تويتر وتطويراته كانت مقرونة ومرتبطة ارتباطا وثيقا بمجتمع المطورين الخاص به، وهو ما يفسر الضجة التي أحدثها قرار تويتر فيما يتعلق بالحد من حرية المطورين، كما أنه يُعطي نوعا من “الشرعية” لما قيل حول الأمر (بغض النظر عن الجانب التجاري في القضية). التغيير الذي أثار السخط أكثر هو المُتعلق بالحد الأعلى لعدد المستخدمين الممكن لكل تطبيق والذي يُقدر بـ 100 ألف مُستخدم للتطبيقات التي لم تبلغ هذا السقف من قبل، أو بضعف عدد المستخدمين للتطبيق يوم الإعلان عن القرار الجديد للتطبيقات التي جاوزت هذا الحد.

هذه القيود الجديدة والتي لم تدخر تويتر أي جهد لتؤكد بأن هدفها هو إدارة الخدمة بشكل أفضل على شاكلة Apple التي تقوم بالمصادقة على التطبيقات قبل نشرها، لم تقنع المطورين، بل أثارت حفيظتهم أيضا.

ضرب المثال بـ Apple هنا راجع إلى كون مصير تويتر مربوط بشركة التفاحة المقضومة وبـ iTunes بطريقة أو بأخرى (مثلما ذكرناه فوق)، بالرغم من إلحاق iTunes الضرر بالشركة الأم لتويتر إلا أن ذلك عاد بالفائدة عليها.

تويتر وبالرغم من النجاح الذي يعرفه حاليا والتزايد المتواصل لأعداد مستخدميه فإنه يحتاج –رغم ذلك- إلى الإسراع في الاستفادة المادية من ذلك، حيث أن أنظمة “الاسترزاق” الحالية لم تعط ثمارها بشكل جيد:

هل هناك حلول أخرى للاستفادة المالية لتويتر مما تُقدمه من خدمات للمطورين؟ ماذا عن جعل التطبيقات تدفع مُقابل استغلال الواجهة البرمجية وبيانات الشبكة؟ وهو أمر برعت فيه Apple حيث أنها تجعل التطبيقات تدفع مقابل نشرها على متجرها، وتضع القواعد والشروط لذلك. بما أن هذه التطبيقات تعتمد بشكل أساسي على تويتر (تماما مثلما تعتمد تطبيقات iOS على متجر تطبيقات Apple) فإنه يمكن للعصفور الأزرق الاستفادة المادية من ذلك.

إن كان تويتر في حاجة لمجتمع المطورين من قبل ليحقق نجاحا، فالأمر لم يعد مقرونا بهم مثلما كان عليه الحال من قبل. بالإضافة إلى حاجة تويتر إلى دفع المستخدمين لاستخدام نسخة الويب أو أحد التطبيقات الرسمية لجلهم عرضة للإعلانات فإن هناك تحد آخر يواجه تويتر حاليا ويتعلق الأمر بطمأنة المعلنين، ومن أجل ذلك ترى تويتر تُطلق المبادرات تلو الأخرى:

ترغب تويتر حاليا في السير على خطى فيس بوك وذلك بتوفير أدوات متطورة للمُعلنين، على شاكلة الإحصاءات المفصلة (وهو ما قد يدفع إلى الاعتقاد بأن شركة     SocialBro الناشئة قد تكون الهدف القادم لتويتر لشرائها)، والفلترة، تهيئة الصفحات وإنشائها، كل هذه الأدوات ترغب تويتر في التحكم بها وعدم تكرار الأخطاء السابقة والسماح لمطورين ولشركات جانبية القيام بذلك.

تطور حكاية تويتر مع مجتمع المطورين الخاصة بها قد تتعقد أكثر في المستقبل القريب، وقد تؤدي إلى قطيعة بشكل أو بآخر بينهما.

ترجمة وبتصرف للمقال:

Ce que cache la nouvelle politique de Twitter vis à vis des développeurs tiers

لصاحبه:

Cédric DENIAUD