هل يمكن أن نصدق كل الإحصائيات المنشورة حول الشبكات الاجتماعية ؟
نُشر يوم 19 مارس 2011 بواسطة يوغرطة بن علي (Youghourta Benali)
لا يخلو أي عرض تقديمي يعالج الشبكات الاجتماعية من إحصائيات مختلفة تتعلق بعدد مستخدمي هذه الخدمة أو تلك أو مدى فاعلية شبكة أو تأثير أخرى. لكن بالرغم من الانتشار الواسع لبعض الإحصائيات و الأرقام الهامة على الإنترنت، إلا أنه يجب أن يُنظَر إليها بعين الحذر، حيث أنه يمكن تأويل و تفسير إحصائية معينة على غير حقيقتها، و أفضل أمثلة على ذلك هو عدد المستخدمين الفعليين لـ Twitter، حقيقة العدد الكبير جدا لعمليات البحث التي تتم عليها، أو حتى حقيقة عدد مطوري تطبيقات Facebook.
[ ](social media statistics)
على عكس ما قد يفهم من الفقرة السابقة، فالأمر لا يتعلق بدعوة إلى نبذ كل الإحصاءات و التحليلات التي ترافقها، بل بالعكس نحتاج فعلا إلى الإحصائيات لاتخاذ الكثير من القرارات أو لبناء خطط معينة. المشكل مع شبكة الإنترنت أنه و بإجراء بحث سريع يمكن الوصول إلى إحصائيات تثبت كل واحدة منها عكس ما تثبته الأخرى. و عليه السؤال الذي يطرح نفسه هو: لمن يجب أن نستمع ؟ من يجب أن نصدق ؟ و ما هي الإحصاءات التي يجب أن نعتمد عليها.
مشكلة المصادر
أهم العوامل التي تجعل من إحصائيات الشبكات الاجتماعية مثيرة للتشكيك هو أنها تصدر عن الشبكات الاجتماعية نفسها. و تتسم أغلب هذه الإحصائيات بالتضخيم، و إليكم بعض الأمثلة التي إن نظرنا إليها كما تريد الشبكة الاجتماعية المعنية أن ننظر إليها فإنها تعطي انطباعا ممتازا، لكن إن نظرنا إليها من وجهات نظر مختلفة أو أضفنا إليها إحصائيات صادرة من مصادر أخرى فإن ذلك الانطباع ما يلبث أن يختفي:
33 مليون مدونة نشطة على SkyBlog خلال 2010
هذا هو الرقم الذي يعلنه Pierre Bellange مؤسس SkyBlog و هو ما يعني أن شبكة SkyBlog لم تمت بعد، بل لا تزال نشطة جدا. و يخص هذا الرقم “المدونات النشطة” فقط مما يعني أن حجم SkyBlog أكبر بكثير من هذا الرقم. لكن ماذا لو بحثنا عن تعريف SkyBlog للمدونة النشطة ؟ حسب هذه الشبكة فإنه يتم اعتبار أي مدونة تمت زيارتها على الأقل مرة واحدة خلال الـ 90 يوما الماضية كمدونة نشطة. و بالتالي فإن النتيجة التي وصلنا إليها منذ قليل على أن SkyBlog لا تزال نشطة أصبحت مشكوكا فيها.
61 مليون مستخدم لـ Twitter في الولايات المتحدة:
حسب الإحصائيات التي نشرتها Twitter فإنها أحصت ما لا يقل عن 175 مليون مستخدم في العالم أجمع نهاية 2010 ، منها 61 مليون مستخدم في الولايات المتحدة فقط. لكن الإحصائيات التي نشرتها pew internet تشير إلى أن الأمريكيين على Twitter لا يشكلون سوى 8% من مستخدمي Twitter ، مما يجعل عدد الأمريكيين على Twitter لا يتجاوز 14 مليون مستخدم و هو ما يمثل أقل بقليل من ربع العدد الذي أعلنته Twitter.
300 ألف مستخدم لـ Twitter في فرنسا
يعتبر هذا الرقم أحد أهم الأرقام التي يشار إليها لدى الحديث على الانتشار السريع الذي يعرفه Twitter في فرنسا. لكن دراسة نشرتها Barracuda Networks خلال مارس 2010 تشير إلى أن 73% من الفرنسيين نشروا 10 تغريدات أو أقل. كما أن أغلب الكثيرين منهم يسجلون بدافع الفضول ثم يهجرون حساباتهم بسبب غياب الاهتمام، أو صعوبة فهم مبدأ عمل الشبكة، و عليه هل فعلا هناك 300 ألف مغرد في فرنسا ؟
600 مليون عضو على Facebook
العديد من المواقع بدأ تتساءل عن العدد الفعلي لمستخدمي Facebook. تعريف Facebook للحساب النشيط هو الحساب الذي قام صاحبه بتسجيل الدخول أو القيام بأي من النشاطات عليه خلال الـ 30 يوما الماضية ، وهو تعريف أقرب ما يكون إلى الواقعية من تعريف SkyBlog للمدونات النشيطة. لكن من ناحية أخرى فإن Facebook لا يمنع امتلاك أكثر من حساب لنفس الشخص، كما أن العديد من الحسابات لا تمثل أشخاص حقيقيين بالرغم من أن قوانين Facebook تمنع ذلك. كما أن من بين المفارقات العجيبة الملحوظة على Facebook هو أن عدد الأعضاء الذي يشيرون أن باريس هي المدينة التي يسكنون فيها وصل إلى 4.5 مليون عضو رغم أن العدد الفعلي لسكان باريس لا يتجاوز نصف هذا العدد.
مليونا مستخدم للـ Minitel في فرنسا
لمن لا يعرف الـ Minitel فيمكن اعتباره إلى حد ما إنترنت ثمانينيات القرن الماضي و الذي نشأ في فرنسا. و حسب إحصائيات France Telecom فإن هذه الخدمة العتيقة لا تزال تحظى باهتمام ما لا يقل عن مليوني مستخدم. لكن هل هذا يعني أن الـ Minitel لا يزال “حيا”؟ . الجواب هو –طبعا- لا، حيث أن نصف مستخدمي هذه الخدمة يمرون عبر الإنترنت، مما يعني أن أجهزة الـ Minitel العتيقة أصبحت في خبر كان.
لكن رغم ذلك تبقى الإحصائيات مهمة …
نعم مهما حوت تلك الإحصائيات من مغالطات إلا أنها تبقى مصدرا مهما للبيانات التي يمكن اعتمادا عليها لبناء استراتيجية تسويقية ، أو خطة عمل تعتمد على الشبكات الاجتماعية ، لكن يجب الأخذ في الحسبان ما يلي:
اختيار المصادر الموثوقة:
يجب اختيار المصادر و بحذر، فمن الأفضل الاعتماد على مصادر قليلة موثوقة على أن تبني دراستك على معلومات كثيرة “متضاربة” و التي قد يكون بعضها عبارة عن سبر للآراء تم على نطاق جد محدود على بعض المدونات.
معركة الأرقام لتحديد من الأكبر
يظهر جليا أن حضور بعض العلامات التجارية على الشبكات الاجتماعية و خاصة Facebook يهدف بشكل أكبر لتجميع أكبر عدد ممكن من المتتبعين Fans و هي المعركة التي تفقد معناها بشكل كبير لما يتم التركيز بشكل أكبر على العدد و ليس على المحتوى المفيد الذي يقدم لهؤلاء المتتبعين.
خلاصة القول: إحصائيات الشبكات الاجتماعية من الشاي و القهوة من المفيد استهلاكها لكن يجب أن يكون ذلك باعتدال :p
ترجمة و بتصرف للمقال:
Gare aux chiffres autour des médias sociaux
لصاحبه Cédric DENIAUD